الجمعة، 25 سبتمبر 2009

أما أنتم أيها المصريون.. تؤ تؤ تؤ

رسالة رائعة وصلتني من أحد الأصدقاء من محيط العمل خلال شهر رمضان المبارك رأيت أن أترجمها بأقصى قدر من الأمانة لأشارككم بها.

ربما... تلفت انتباهنا لنقاط كانت غائبة عن أذهاننا

أقول ربما


أعزائي

مر شهر تقريبا منذ أن كنت خارج مصر مسافرا عبر ( أفريقيا).. بعض الأحيان لا يعطيك هذا السفر المستمر التكامل العميق لثقافة واحدة.. لكنه يتيح لك مواجهة العديد من التجارب تترك بداخلك انطباعات مختلفة .

حقيقة؛ كان شهرا رائعا، ملهما، تعليميا في نواحيه العديدة. لقد كانت الطريقة الأسهل من كل التكاملات الأولية السابقة التي تعرضت لها في أي بلد عشت فيه على وجه العموم.

من الصعب أن أكتب عن العديد من الأشياء في حين أني لازلت أريد أن أجد بعض الأشياء لأغوص فيها، ولكن هناك ثلاثة أشياء صغيرة – قد يظنها البعض غير مهمة – فاقت توقعاتي.

أولها هو رمضان في السنغال

بالتأكيد عندما نتحدث عن رمضان؛ أول التصورات التي تزور أذهاننا بعيدا عن الصوم والأيام الحارة الرطبة الطويلة بدون شرب ، أيضا ما نراه في الشوارع المصرية كالنوم لوقت متأخر، تقريبا لا أعمال تنجز فيه، وجبات دسمة على الإفطار، الشيشة، صلاة التراويح، مائدة الرحمن، حلويات رمضان، البارات تغلق أبوابها، ولا تقدم الخمور، وشوارع مزدحمة تماما قبل الإفطار وبعد منتصف الليل، السائقين يتزاحمون ويتصايحون، انفعال ونفاد صبر... إلخ.

لا يوجد بالسنغال أي شيء من هذه الأشياء.. الشيء الوحيد المتشابه هو صلاة التراويح، ويسمونها النافلة.

فوجئت حينما رأيت أناسا يعملون لساعات إضافية في رمضان وحتى موعد الإفطار.. سألت عن ذلك وكانت الإجابات التي حصلت عليها متقاربة..من يحتج بأن العمل بهذا الشكل يجعلك تنسى حقيقة أنك صائم أو أنها فرصة لتعمل أكثر حينما لا يكون لديك وقت لتضيعه، وهناك من يرى أنها وسيلة لتكون أقوى روحيا.

دعاني رئيسي في العمل على الإفطار في أول يوم، من عاداتهم أنهم لا يأكلون مباشرة بعد المغرب كغالبيتنا، أولا يقومون بكسر صيامهم بالكرواسون أو الخبز، القهوة أو الشاي، تمر أو بعض الفاكهة .. ثم يذهبون لصلاة المغرب ثم يجتمعون معا.. يصلون العشاء وبعد ذلك وقت الطعام.. صلاة النافلة ( التراويح) يصلونها عادة بعد ساعة أو ساعتين بعد صلاة العشاء وذلك بعد أن ينتهي الناس من طعامهم.. قد يقول البعض أن هذا هو الإسلام الأصلي

في الواقع أعتقد أن الإسلام هنا مختلف تماما، كمثال لم أر هنا سيدة واحدة محجبة.

ومما كان ملفتا للنظر أيضا هو بذل الناس لمجهودات كبيرة ليكونوا أهدأ وأكثر روحانية، يذهب بعض الناس قبل الإفطار إلى الكورنيش في دكار للتأمل و التفكر في المحيط وبعضهم يذهب للركض، لذلك ووفقا لنمط الحياة الذي اعتدته لا يصبح اليوم في رمضان طويلا أو مملا أو مرهقا بل نشطا.. ولم يصادفني أي ازدحام أو مشادات قبل الإفطار على الإطلاق.. وتمضي الحياة بنفس الشكل المعتاد.

ولكن.. أكثر الأشياء التي أعجبتني هو شيء مختلف تماما عن النقاط التي ذكرتها سابقا.. إنها حقيقة أن البارات مفتوحة دائما والكحوليات ليست ممنوعة، ومع ذلك لا توجد إلا نسبة ضئيلة جدا ممن يترددون على البارات أغلبهم من الأجانب ( أوروبيين، الرأس الأخضر، ساحل العاج.. والعرب من الخليج!!!) والقليل جدا من السنغاليين على وجه العموم.. والسبب الذي قدرته كثيرا هو أن الإيمان بالنسبة للسنغاليين هو اختيار وليس فرضا عليهم من قبل الدولة أو أي جهة.

--- --- --- --- --- --- --- ---

- المسألة الثانية هي شيء أواجهه للمرة الثانية ، وهي طريقة التعامل مع الحوادث والمواجهات..

حينما كنت أدرس في غانا، ركبت لمرة واحدة سيارة أجرة قديمة فقد سائقها التحكم فيها على الطريق الدائري السريع حول أكرا.. واصطدمنا جزئيا بالرصيف وبالسيارة التي كانت أمامنا.. وخرج السائقان من السيارتين..إن كنت في القاهرة فستتوقع معركة كبيرة، لكنهما ببساطة تناقشا قليلا وانتهى ثلاثتنا من دفع التاكسي إلى جانب الطريق.. وانتظر السائق الآخر لتقديم المشورة لسائق التاكسي حول مكان يستطيع فيه أن يصلح السيارة ووافق على ألا يدفع له مالا.. وتصافحا وكانت هذه نهاية القصة.

بالطبع أصابتني الصدمة.. لا توجد معارك.. مساعدة ومنتهى اللطف عند الحادث.. ربما يكون هذا الموقف خاص بالغانيين حيث أنهم قوم لطفاء فوق الوصف..


بالأمس فقط حدثت قصة مشابهة.. ولكن في نيروبي التي أعرفها جيدا وأعرف الكينيين جيدا أيضا..

التاكسي الذي ركبته كان يشق طريقه عبر ضغط نفسه بين الرصيف وشاحنة كبيرة، وانتهى به المطاف إلى كسر مرآته، نزل السائقان وتصافحا وتناقشا قليلا قبل أن يتصلا بالشرطة..

وأتى الشاب المهذب تقريبا بعد 25 دقيقة، حرر محضرا بالواقعة وذهب كل واحد في طريقه.

مرة أخرى أنا أعلم أن الشرطة في كينيا فاسدة وربما تكون هذه حالة خاصة، ولكن المسألة هي أن عدم العنف مسألة غاية في السهولة ونافعة للغاية!!!..

شيء كنا نفعل المستحيل من أجله في مشروع مصريتي باستعمال نفس الأمثلة تقريبا من هذه السيناريوهات الحياتية.

ولم يطبق هذا هنا فقط في هاتين الحالتين لكنه يبدو الشيء الطبيعي الذي يتم على الرغم من الازدحام والفقر والاختناق المروري.. إلخ وكل أنواع الشماعات التي نستخدمها لتبرير مواجهاتنا بالعنف.

--- --- --- ---

- الخبرة الثالثة في الواقع هي شيء حدث من نصف ساعة وكانت السبب الذي دفعني للبحث عن مكان به انترنت لا سلكي لأكتب هذا الايميل..

كنت أتم إجراءات لحاقي بطائرتي وبالطبع رأت السيدة الموجودة على الشباك جواز سفري والعديد من الارتباطات المنتهية في دكار وليس مصر

علقت قائلة: أوه.. أنا لم أر من قبل مصريا يسافر عبر أفريقيا.. وسكتت قليلا ونظرت إلي لترى ماهي ردة فعلي.. ابتسمت لها بود وأكملت قائلة: لأنكم قوم لا تحبون ذوي البشرة السمراء.. وتوقفت قليلا ونظرت إلي بابتسامة هذه المرة تبين شعورها بالراحة لاستطاعتها التعبير عن رأيها.. ابتسمت لها أكثر وأسندت رأسي استفهاما..حينها أكملت: نحن لا نميز في كينيا.. قد يكون ذلك فقط فيما بيننا.. ولكن انتم أيها المصريون.. تؤ تؤ تؤ.. أنتم عنصريون ضد السود.

أخذتني المفاجأة في البداية لحظة قبل أن أسألها بابتسامة: وكيف تعرفين ذلك دون الذهاب إلى هناك؟

وأجابت: أنا اذهب على هناك غالبا وأيضا أذهب إلى الأماكن حولها.. الأماكن مذهلة.. وهذا كل ما في الأمر.. الناس ليسوا لطيفين على الإطلاق.. على الأقل ليس مع السود وكل المصريين الذين أخبرهم بذلك لا يعترفون بهذا وأحيانا لا يريدون أن يسمعوا.. في الواقع أنت أول شخص يستمع إلي في هذا الشأن.

يبدو أن تجاربها في مصر كانت سيئة بشكل ثابت وأرادت أن تخرج ما بداخل صدرها لأي مصري وأخيرا وجدت من يستمع إليها دون أن يتخذ موقفا مدافعا.. فقط رددت: أناس مختلفين لديهم خبرات مختلفة في مصر وليس كل المصريين بنفس الشكل.. أنا أحب السود واقرب أصدقائي من السود.

الشيء الوحيد الذي استطعت أن أقوله لها في هذه اللحظة هو هذا.. فلم يأت الجدال إلى ذهني واعتقد أننى لست مسئولا عن تصرفات الآخرين .. أن مسئول فقط عن تصرفاتي ومن أكون.. وقد تكون هذه فرصتها لترى جانب آخر ظهر لها عن المصريين تصادفه للمرة الأولى.. أيضا على شباك إجراءات السفر لا يوجد وقت كثير للنقاش.. كل هذا حدث في خمس دقائق فقط، وفي النهاية مازحتها وودعتها بحرارة.

لن أقوم بالتعليق على هذه القصة الأخيرة .. فقط تشربوها أولا

كانت هذه كتابة سريعة دون تخطيط وتحوى العديد من الأخطاء حتى أستطيع اللحاق بطائرتي التي ستقلع الآن.

اشتقت إليكم جميعا..

تحياتي

محمد المنجي

4 حط دماغك:

يا مراكبي يقول...

الملاحظة التانية والتالتة مهمين جدا

الملاحظة التانية بتاعة الحوادث دي بتميز كل البلاد الا مصر .. في كل العالم ما حدش بيتخانق ساعة الحوادث .. بالعكس .. والبوليس بييجي يوثق الموضوع والتأمين يتولى التصليح .. لكن في مصر الموضوع مأسوي .. وشركات التأمين ما بتعملش حاجة

أما ملاحظة عنصرية المصريين ضد السود دي فهي ملاحظة مخجلة .. وده معناه اننا بننفر من اي اسود بفرض انه فقير افريقي .. بينما هو ممكن يكون عكس كده .. وحتى لو كان كده .. مش مفروض ننفر منه

رجل من غمار الموالى يقول...

السلام عليكم
.........
أتفق مع كاتب الرسالة فى كثير مما وصل إليه
أهم شئ نكتشفه حين نسافر من مصر
الوهم الذى كنا نعيش فيه أن مصر أم الدنيا
..
مصر من أحقلر البلاد فى الدنيا
سياسيا واقتصاديا وإنسانيا
ودينيا ً وعلى كافة المستويات

Magi Mostafa يقول...

تعرفى ايام ازمه اللاجئيين كنت فى ورشه عمل وقابلت واحد ساكن او مكان شغله فى المنطقه دى وقعد يحكى كم عنصريه فى كلامه مش ممكن وطبعا عشان يغطى عنصريته بيتكلم على انهم بيسكروا ويشربوا مخدرات ووو بس انا مقتنعتش اوى
بس جميل اوى رمضان فى السنغال حلو بجد السنغال اصلا وضعها كويس بالمقارنه بالدول الافريقيه التانيه

وينكى يقول...

يامراكبي
ماحدش فى مصر بيأمن على عربيته اصلا ومش عارفه ايه السبب
يمكن عشان مش كتير عندهم فلوس يجيبوا عربيه من مركز معتمد وبيجيبوها نص عمر
بس فيه حاجه كمان
المصري بقى عصبي وانفعالى وعاوز يفش غله فى اى حاجه
لكن عنصريته ضد السود دى!!!
مش قادره الاقيلها مبرر خالص
رجل من غمار الموالي
اسمحلى اختلف معاك فى نقطة الهجوم على مصر
انت سافرت بره واكتشفت الاختلافات
لكن دا مش معناه ان مصر هى اللى بتظلم الناس
الناس هى اللى بتظلم نفسها بنفسها
انتشرت الحاجات الوحشه والزباله فى البلد
الزباله مش بتنزل من السما واحنا اللى بنرميها
هاتقولى انا مابرميش زباله والناس التانيه
ماهو كل واحد بيرمى اللوم على التانيين فى كل حاجه
مشكلتنا اننا مش قادرين نتجمع
ودى مشكلتنا مش مشكلة البلد
وانا ارفض انك تتهمها بالحقارة
كنت عملتلها ايه عشان تساعدها؟؟
ماجي
انا مارحتش السنغال ولا اعرف عنها حاجه مش هاضحك عليكي
بس بجد الرسالة دى فتحت نفسي على اكتشاف القارة اللى احنا جزء منها ومش معترفين بخيرها
وبرضه نفسي الاقي سبب
ليه كتير من المصريين عنصريين للسود؟؟
طب هما مش بيحبوا اهل النوبه؟؟
ماهما مصريين برضه
والاعلام بيغذى الفكره دى بشكل او باخر زى ما بيجيبوا ناس سود يتريقوا عليهم فى الافلام والمسلسلات
شكرا لتعليقك